صورة اليوم

التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل لم تسلم منه خزينة الدولة ولا أموال الشعب

كريم السالمي - مر شهران على ثورة تونس المباركة التي أمكنها أن تسجل نجاحات كبيرة و أن تخطو خطوات إيجابية على درب الانتقال الديمقراطي السليم و أن تتخطى عديد العقبات و تفشل ما كان يحاك ضدها من مؤامرات داخلية و خارجية للالتفاف عليها و إجهاضها من خلال محاولات يائسة لأحداث فراغ دستوري و خلق انفلات أمني و إجتماعي و إعلامي و حالة من الهلع و الترهيب من خلال سلوكيات و ممارسات دنيئة تجلت من خلال أعمال التخريب و الترويع و النهب كما حدث في عديد الجهات و التي اتضح من كان يخطط لها و سهر على تنفيذها و خاصة من طرف بقايا الحزب الحاكم الذي تقرر عليه يوم 09 مارس الجاري و قياداته الفاسدة و المنتفذين في نظام الرئيس المخلوع الذين مازالوا يحلمون بالسلطة و النفوذ بعد أن فاجأتهم الثورة وفر زعيم عصابتهم إلى خارج حدود الوطن و فقدوا من كان يحميهم و يقوى نفوذهم في المراكز القيادية الحكومية و الحزبية و يغدق عليهم بسخاء من خزينة الدولة و مكنهم من مئات الآلاف من الهكتارات من أفضل أراضي الدولة في شمال البلاد و ضواحي تونس الكبرى و في الوطن القبلي و زغوان و الوسط و الساحل و حتى الجنوب. فكانت وظيفتهم السياسية المثابرة على تلميع صورة الرئيس المخلوع و الاستماتة في الدفاع عن نظامه و عن " ريادة حزبه" بعد أن أقصي منه المناضلون الشرفاء الصادقون و قد تحول هذا "الحزب" إلى حاصدة و الة نهب و ترويع سياسي و مالي.
فعلى المستوى السياسي هيمن هذا الحزب المنحل على المشهد السياسي الوطني و خنق الحريات و قمع بواسطة ميلشياته و البوليس السياسي كل المبادرات و كل تحركات و مبادرات مكونات المجتمع المدني حتى كاد يكون الهواء الذي يتنفسه المواطن و الماء الذي يشربه "تجمعيا".
أما على المستوى المالي فقد سخّر "الحزب الفاسد" و عصابته القيادية المنحرفة وطنيا و جهويا و محليا كل مؤسسات الدولة الاقتصادية و جنّدها في خدمته و في تضخيم موارده المالية التي تقاس بالمليارات، فمنذ فيفري 1988 فرضت على أغلب المؤسسات و المنشات الاقتصادية التابعة للدولة و المقدر عددها بأكثر من مائتي مؤسسة بدون اعتبار المؤسسات التي تم التفويت فيها و خصخصتها بطرق ملتوية و تعمد إفلاسها و التفريط فيها لأفراد عائلة الرئيس المخلوع و أصهاره بمبالغ رمزية. فرضت على هذه المؤسسات التي لا يديرها إلا من يفوز بثقة "التجمع". توظيف مبالغ هائلة تتراوح بين 40 ألف دينار و 200 ألف دينار سنويا لفائدة خزينة الحزب الحاكم المنحل الذي لم يقدم كما ينص عليه قانون الأحزاب كشوفات عن حساباته إلى دائرة المحاسبات على امتداد أكثر من عقدين و يقع الترفيع في هذه المبالغ لتمويل الحملات الانتخابية الرئاسية و التشريعية و البلدية و مؤتمرات الحزب تعقد مرة كل خمس سنوات و تجد هذه المؤسسات أيضا نفسها مضطرة إلى المساهمة بمبالغ مالية هامة في "المد التضامني الوطني المزعوم" الذي كانت تروج له دعاية الرئيس المخلوع بمناسبة الأعياد الدينية و العودة المدرسية و الجامعية التي كانت في حقيقة الأمر تقتصر على بعض المواد الغذائية و الأدوات المدرسية من محفظات و كرسات مدعمة في حقيقة الأمر تبرعات خيرية من مؤسسات خاصة مختصة في الانتاج الغذائي و تصنيع اللوازم المدرسية.
و هذه المساعدات لم ينتفع منها الا الفقراء القليل من الاف المحتاجين و الفقراء من التونسيين و هي عبارة كما يقول المثل التونسي "عيطة و شهود على قنفود..."
و علاوة على ذلك اضطرت عديد الوزارات و المؤسسات الاقتصادية الوطنية الى تسخير جانب من السطو لها من السيارات لفائدة الحزب الحاكم سابقا
و لم يسلم من هذه الممارسات و الضغوطات رجال الأعمال و أصحاب المؤسسات الخواص الذين مورست عليهم الضغوطات إلى حد أثقال كاهلهم.
فهم كانوا مضطرين لدفع مساهمات مالية مهما كانت وضعية مؤسساتهم المالية في كل المناسبات.
و ان امتنع بعضهم هدوده بتسليط المواد الجبائية و سيف الضمان الاجتماعي عليهم و حتى تلفيق و الصاق تهم خطيرة بهم.
و من المظاهر الأخرى لنهب أموال الدولة و الشعب نشير فقط إلى فرص اقتناء الصحف "الحزبية" على الوزارات و المؤسسات التابعة لها.
هذه المبيعات المفروضة تقدر قيمتها السنوية بأربعة ملايين دينار أضف إلى ذلك مبلغ حوالي المليارين لفائدة حق الحزب الحاكم سابقا عن طريق الوكالة التونسية للاتصال الخارجي التي تساهم بدورها في دعم أنشطة هذا الحزب غير المأسوف عليه.
و إلحصيلة أن هذه المؤسسة "دار العمل" التي تدير هذه الصحف قد أفلست بعد أن نخرها الفساد هي الأخرى و أصبحت اليوم عاجزة حتى على دفع فاتورة استهلاك الماء.
بقى أن نشير بدهشة و استغراب على ما تسرب مؤخرا من معلومات و فضائح مفادها أن الرئيس المخلوع بوصفه رئيس الحزب الفاسد كان يتقاضى مرتبا شهريا ضخم و هذا المرتب يصرف له نقدا و مضمون الوصول إلى قصر الرئاسة بقرطاج من طرف أحد الموظفين بأمانة المال التي كان يشرف عليها عبد الله القلال الذي يتولى جميع المساهمات و الأموال و وضعها في حسابات الحزب الحاكم سابقا.
و يشاع أن هذه الحسابات البنكية المجمدة بها ما يقارب 170 مليون دينار !!
و أن ذهب الحزب الحاكم سابقا بدون رجعة بقيت رموزه التي بدأت تتساقط مثل أوراق الخريف في انتظار محاسبتها و معاقبتها على ما اقترفته من جرائم و نهب تسلط و تجاوزات في حق تونس و في حق الشعب التونسي.

 

 
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !

أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :