
كلّ هذه الدول إضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية تمثّل أهم حليف سياسي لتونس منذ الاستقلال وهي على استعداد لغضّ النظر على تجاوزات النظام في مجال الحريات وحقوق الإنسان بما أنّه يتعاون بشكل مرضي في مكافحة الإرهاب والهجرة السريّة، وتوصّل الى الحفاظ على استقرار نسبي على حدوده مع مواصلة برامجه الخاصّة بالتحرّر الإقتصادي. وذلك بالخصوص منذ توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي في سنة 1995 مكّن تونس من تفكيك الحواجز التعريفيّة وتأهيل نسيجها الصناعي ومضاعفة القدرة التنافسيّة لمؤسساتها وفتح اقتصادها على المنافسة الدولية وتركيز منطقة للتبادل الحرّ مع الاتحاد الأوروبي بداية من 1 جانفي 2008.
وكانت تونس أيضا ومنذ 2004 أوّل بلد في جنوب المتوسط يقدم على خطة عمل في إطار السياسة الأوروبية الجديدة للجوار، وكانت أيضا أوّل من بارك مشروع اتحاد المتوسّط الذي بعثه ساركوزي.
هذا التوجه مكّن النظام من نيل الرضاء مثل التلميذ النجيب للغرب، حتى أن ساركوزي خلال زيارة الدولة التي أداها لتونس في أفريل 2008 وخلال حفل العشاء الذي نظم على شرفه من قبل بن علي صرّح : «إنّ مجال الحريات يتقدّم في تونس» وأضاف : «إنّها علامات مشجّعة أريد تحيّتها. هذه العلامات وهذه الإصلاحات تحدث في طريق ضيقه وصعبه لكن ضروري وهي تهم الحرية واحترام الأفراد. هذه الطريق ما من دولة يمكن أن تدّعي أنها قطعته كاملا».
وتوجّه إلى بن علي قائلا : «لديّ الثقة المطلقة في إرادتكم نحو مواصلة توسيع مجال الحريات.
هذه التصريحات مثل غيرها التي قام بها سابقه جاك شيراك في العديد من المناسبات بخصوص «المعجزة التونسية» و«تقدم تونس على درب الديمقراطية» صدمت مناضلي حقوق الإنسان في تونس وفرنسا. إذ أنهم يعلمون أن بن علي يعاد انتخابه دائما بنسبة أصوات تتجاوز دائما ٪90 وتنظم باستمرار بتحويرات متتالية للدستور لتحديد مجال الترشح للرئاسة على بعض الشخصيات.
وهم يعلمون أيضا أن حزبه (التجمع الدستوري الديمقراطي) يضع يده على كل مؤسسات الدولة: مجلس النواب، مجلس المستشارين، الحكومة والمؤسسات الوطنية الكبرى، تلك الخاصة بالأعراف، بالمرأة بالفلاحين وبدرجة أقل بالشغالين.
لكن الشركاء الغربيين لبن علي على استعداد أكبر لإغماض العيون على تصرفات شريكهم باعتباره يساهم في الحرب ضد الإرهاب ويلعب دور الوسيط في المنطقة ويربط علاقات غير رسمية مع إسرائيل ألم يستقبل وزير الشؤون الخارجية السابق سيلفان شالوم؟
إذا كان أصحاب رؤوس الأموال الغربيين يتولون أحيانا انتقاد نقص الحريات العامة والمضايقات تجاه المدافعين عن حقوق الإنسان وغياب استقلالية القضاء، فإنّهم لا يمارسون أي نوع من الضغوط حتى على سبيل الصداقة في اتجاه تحرير سياسي أكبر. فبالنسبة لهم يعدّ النظام التونسي مستبدّا وبوليسيا لكن لديه استحقاقات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
وعموما يبدو بن علي بالنسبة للغرب «دكتاتورا جيّدا» وموال للغرب ويحمل مشروعا اقتصاديا واجتماعيا تحديثيا زد على ذلك أنه توصّل الى المحافظة على بلده في وضع مستقر محفّز للأعمال في منطقة لا تخلو من التوترات.
هذا الأمن تمّ عن طريق القمع الذي تجاوز الأعداء المعلنين (الإسلاميين) ليمتد الى الديمقراطيين، أو أن هذا الاستقرار مثلما أمّن بإجراءات اقتصادية واجتماعية فقد أمّن بحضور بوليسي خانق (بين 130 ألف و145 ألف عون مقابل 10،4 مليون ساكن) وبغياب الحوارات والنقاشات وبعدم وجود صحافة حرّة وبتقليد الإجماع حول شخص رئيس الدولة وفريقه. يبدو أنّ كلّ ذلك لا يصدم الشركاء الغربيّين لبن علي.
وفي مقابل ذلك تعيش تونس تحت ملاحظة منتظمة من قبل المجتمع المدني الدولي وتيارات العمل لصالح حقوق الإنسان، ودمقرطة دولة القانون، كما أنها تحت ملاحظة منتظمة من قبل وسائل الإعلام الأوروبية ومنها بالخصوص وسائل الإعلام الفرنسية.
يسمح لكم بنقل الموضوع بشرط ذكر المصدر : لماذا مدح ساركوزي بن علي خلال زيارته إلى تونس؟ | عروبتنا
أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :