
رغم أن بلدية تونس أرادت أن تتبرّأ من المسألة بتأكيدها أن المستشارين البلديين رفضوا التفويت في منتزه البلفدير العملاق ، إلا أنّ الهبة التي منحها الرئيس المخلوع بن علي للبلدية المذكورة وقيمتها 400 مليون لتهيئة حديقة الحيوانات الشهيرة لم تكن مقاصدها بريئة ، فالرجل دفع هذه "العمولة" التي كانت تتشدّق بها بلدية تونس في أكثر من مجلس بلدي بحضور الصحافة والموالين للنظام ،ولم يُفوّت شيخ المدينة السّيد محمد الباجي بن مامي على نفسه فرص "الولاء" –والكلمة كلمته والجميع يعلم بذلك- للرئيس بن علي من باب الاعتراف له بالجميل على السخاء والرعاية للمحتاجين والإحساس بالآخرين !! والتي لم تكن في الواقع سوى من أساليب التمويه وذرّ الرّماد على الأعين وتوظيف الدهاء السياسي لتحقيق المصالح الخاصّة للعائلة الحاكمة و"المالكة" للبلاد. كان كل هذا يدور في مجلس بلدية تونس والتاريخ يؤكد كل الولاءات التي كانت تفوح من أروقة بلدية القصبة . المهم أن الهبة في ظاهرها كانت لجعل الحديقة في أبهى صورة حتى يستمتع الشعب الكريم والطبقات المحرومة ومحدودة الدّخل في المناسبات والأعياد والعطل ، لكن ما خفي طوال تلك المدة وما أخفته البلدية هو مسألة تسويغ مُركّب البلفدير لعائلة الرئيس المخلوع، ويتكون من المسبح البلدي وملعب الشاذلي زويتن وحديقة الحيوانات . والغريب في هذا المجال أنّ تصدر البلدية بعدما فاحت رائحة المؤامرة حول هذا الموضوع توضيحها في المجال لتؤكد أن المجلس البلدي الناشئ والذي كان يحتوي على أكثر من 80 بالمائة من التجمُّعيين رفض التفويت في المنتزه المذكور بكل مكوناته خلال اجتماع لجنة المنتزهات والمناطق الخضراء يوم 9 ديسمبر 2010 !! وأمام هذا الموقف المُتململ حسب توضيح البلدية صدرت الأوامر بإعداد طلب عروض دولي للتفويت في هذا المركّب لأطراف أجنبية و إعداد كرّاس شروط في الغرض مع تحديد فترة سنة كاملة للقيام بكل ذلك. ولسنا نعلم من أين أتى هذا المجلس بقوة خارقة ليرفض الأوامر الصادرة من أعلى السلطة،و لماذا تكتّمت البلدية عن هذا الموضوع ولم تظهر للإعلام غير الواجهة المضيئة بالحديث عن هبة مئات الملايين من المخلوع "راعي المحتاجين"، ألا يقود ذلك إلى التساؤل عن طبخة مشبوهة كانت تُعدّ على نار هادئة ولمّا افتضح أمرها سارع من يهمّهم الأمر إلى الاحتماء بسياسة مسح الذنوب في الرئيس الراحل بلا رجعة؟؟
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !
أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :